أسوأ شخص في العالم
هل هناك من يمكن اعتباره أفضل شخص في العالم؟ وبالتالي هل يحق لنا أن نصف شخصاً بأنه أسوأ إنسان في العالم؟ إن هذا النوع من الأسئلة يبدو مستفزاً بالنسبة للبعض، خاصة أولئك الذين يتمتعون بشخصيات عقلانية في تعاملاتهم وأحكامهم، فهؤلاء غالباً ما يبتعدون عن التعميم، حيث البشر من وجهة نظرهم مخلوقات بشرية تتصف بالقصور، وهذا أمر طبيعي، لذلك لا يفترض بنا أن ننظر لهم بمثالية زائدة، أو نطالبهم بما لم يخلقوا لأجله!
مع ذلك فهناك أشخاص جيدون بدرجة ما، وسيئون بنسبة ما كذلك، وفي كل مكان! ويبقى السؤال: ما هي المعايير والمبررات التي تبيح لنا أن نطلق حكماً بهذه العمومية القاسية على أي شخص بأنه «أسوأ شخص في العالم» دون أن نعرف الظروف والدوافع، التي جعلته سيئاً إلى هذا المستوى؟
في مجتمعات الحداثة التي يلهث فيها الجميع خلف مستويات مادية عالية ومتحدية دائماً بسبب كثرة الخيارات المتاحة، فإن الكثيرين يقعون ضحايا الاختيارات السيئة، فيترك الكثيرون وظائفهم الآمنة سعياً وراء وظائف يعتقدون بأنها أفضل، لكنهم حين يتورطون فيها لا يتمكنون من البقاء بسبب التحديات المنهكة التي يواجهونها، فيتركونها بحثاً عن وظيفة أخرى.. وهكذا!
إن الفتاة التي يتملكها هاجس المثالية، الالتحاق بالجامعة الأفضل، الوظيفة ذات الدخل الأعلى، الارتباط بالزوج المثالي «الوسيم والغني وابن العائلة و…» تبقى في بحث دائم عنه، وترفض العديد من الفرص حتى تضيع من بين يديها كل الفرص، وحين تنظر إلى جدتها مثلاً تجدها امرأة بسيطة غير متعلمة، ولم تعمل في أي وظيفة في حياتها، وقبلت بالرجل الذي اختاره لها والدها، وكونت أسرة ناجحة، أدارتها بحزم، وبقيت السيدة المحبوبة التي تتجمع العائلة كلها حولها، بينما هي أسعد امرأة في العالم كما يظهر!
إن امتلاك الخيارات المفتوحة في مجتمعات الحداثة السائلة لا تقود شرطاً إلى السعادة والقوة والمثالية، بل إنها قد تجعل المصابين بلهاث التجريب أسوأ الناس حظاً في الحياة! هذا ما حاول مخرج فيلم «أسوأ شخص في العالم» أن يقوله، ساخراً من الإنسان الحديث ونمط تصرفاته!