ترامب وهاريس.. حسابات دقيقة وفرص متقاربة
يترقب العالم الانتخابات الأمريكية الحاسمة في نوفمبر، والتي يتنافس فيها الرئيس السابق، المرشح عن الحزب الجمهوري، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس الحالي، كامالا هاريس، التي تمثل الحزب الديمقراطي، وذلك بعد تنحي الرئيس جو بايدن عن السباق.
كان إعلان بايدن عن تنحيه قد أضفى مزيداً من «الدرامية» على الحملة الانتخابية، حيث تسعى هاريس إلى كسب دعم الناخبين في مواجهة خصمها المتمرس. في وقت تشهد فيه الساحة السياسية الأمريكية سجالاً متزايداً، يتجلى في التصريحات الحادة المتبادلة، وهو ما تجسد أيضاً خلال المناظرة الأخيرة، التي عكست تعقيدات المشهد الانتخابي.
المناظرة الأولى، والأخيرة على الأرجح، بعد رفض ترامب إجراء مناظرة ثانية، يعتقد بعض المراقبين بأنها كانت بمثابة نقطة تحول في الحملة، حيث أثارت أجواء من الجدل والتوتر، تخللتها اتهامات متبادلة، ما سلط الضوء على الاختلافات الجذرية بين رؤى المرشحين.
ترامب، الذي يُعرف بأسلوبه الهجومي، كان شديد التركيز على انتقاد هاريس، بينما حاولت الأخيرة تأكيد رؤيتها السياسية، وخططها للمرحلة المقبلة. ومع اقتراب موعد الانتخابات، يتزايد القلق حول نتائج هذه المنافسة، والتغيرات التي ظهرت بعد المناظرة، في وقت تشير فيه استطلاعات الرأي إلى تقارب نسبي بين كلا الطرفين.
استطلاعات الرأي الأخيرة، عكست وجود تعادل نسبي بين ترامب وهاريس. بينما أظهرت بعض الاستطلاعات، مثل تلك التي أجرتها شبكة «إن.بي.سي نيوز»، تفوقاً طفيفاً لهاريس، بينما مستوى الخطأ في هذه الاستطلاعات، قد يجعل الأمور أكثر تقلباً. وبذلك، يمكن القول إن الحملة الانتخابية ما زالت في مرحلة حاسمة، حيث يعتمد كل مرشح على تكتيكاته الخاصة لكسب دعم الناخبين.
احتدام الصراع
بدوره، أكد المستشار السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، حازم الغبرا، في تصريحات لـ «البيان»، أن الصراع بين ترامب وهاريس لا يزال محتدماً، وبقوة، ولم يحسم لأي طرف، موضحاً أن الاستطلاعات تُظهر تقارباً كبيراً في الترشيحات بين الطرفين. كما أشار إلى أن الفارق في النتائج، قد يعتمد على عوامل متعددة، مثل معدل الخطأ في الاستطلاعات.
واعتبر الغبرا أن هاريس أظهرت أداءً مقبولاً خلال المناظرة، ما أسهم في تحسين صورتها العامة، وتضييق الفجوة بينها وبين ترامب. وتوقع أن يستمر هذا التنافس حتى موعد الانتخابات، حيث لا يزال غير واضح أي طرف سيتقدم. تسعى هاريس إلى استغلال الزخم الناتج عن المناظرة.
حيث أبدت رغبتها في إجراء مناظرة ثانية. ومع ذلك، قوبل هذا الطلب برفض ترامب، الذي وصف طلبها بأنه يشبه «المقاتل المهزوم»، الذي يسعى للعب مباراة ثانية بعد هزيمته.
يعكس هذا الرفض -وفق مراقبين- استراتيجية ترامب في محاولة تقليل الضغط على حملته، لكنه قد يؤدي إلى تساؤلات حول قدرته على التعامل مع النقاشات المباشرة، ما قد يؤثر في صورته أمام الناخبين. ترامب، بخبرته الطويلة في السياسة، قد يرى في رفض المناظرات طريقة للحفاظ على استقراره، وعدم التعرض لمزيد من الهجمات.
استطلاعات الرأي
وعلى النقيض من وجهة نظر الغبرا، أوضح عضو الحزب الديمقراطي، مهدي عفيفي، في تصريحات خاصة لـ «البيان»، أن الفارق بين ترامب وهاريس أصبح جلياً، بعد المناظرة الأولى. حيث ركز ترامب على الهجمات الشخصية، بينما قدمت هاريس أداءً أكثر ثباتاً واحترافية، على حد وصفه.
وأشار عفيفي إلى أن استطلاعات الرأي لا تمثل مؤشرات حاسمة للنجاح، نظراً للتأثيرات الخارجية التي قد تعرقل دقة النتائج. وأضاف أن حملة هاريس تشبه كثيراً حملة الرئيس السابق أوباما، خاصة في ما يتعلق بالحماس الكبير من قبل النساء والشباب المستقلين، وهو ما قد يترجم إلى تصويت فعلي في الانتخابات.
تحديات سياسية واقتصادية
تأتي هذه الانتخابات، في خضم تحديات سياسية واقتصادية كبيرة، حيث يسعى الناخبون لاختيار قائد يواجه قضايا ملحة، مثل الاقتصاد، والعدالة الاجتماعية، والتغير المناخي. يتطلع الناخبون إلى مرشح يمكنه تقديم رؤية واضحة وقابلة للتنفيذ لمستقبل البلاد، بينما تعاني البلاد من انقسامات سياسية حادة.
وفي الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم إلى الولايات المتحدة، يستمر الصراع الانتخابي في تشكيل مستقبل البلاد لسنوات قادمة. فهذه الانتخابات، ليست مجرد اختيار رئيس، بل هي انعكاس لرؤية مستقبلية، تتعلق بكيفية إدارة قضايا حساسة ومعقدة.
ومن المتوقع أن تكون هذه الانتخابات، واحدة من الأكثر تنافسية في التاريخ الأمريكي الحديث، ما يجعل كل صوت مهماً، وكل قرار يتخذ في الحملة له تأثير كبير.