شهرة مزيفة
الذين ينالون شهرة ليست من حقهم، عن طريق سرقة أفكار الآخرين والتحايل عليهم، واستغلال حاجتهم للمال، والذين ينشرون كتباً وروايات ومقالات لم يكتبوا فيها حرفاً واحداً، سوى دفع أموال مقابل الحصول عليها، ليحققوا بها شهرة وصيتاً اجتماعياً، فكذبوا بالتالي على القراء وخدعوهم، واستغلوا الكتّاب المغمورين وسرقوا جهدهم! مثل هؤلاء تجدهم في ساحات الفن والإعلام والأدب والسينما و… إن هؤلاء ليسوا سوى لصوص، فالسرقة لا تخص المال فقط!
إن الشهرة التي تقوم على السرقة شهرة مزيفة، والسرقة فعل قبيح وكل ما ينتج عنه باطل ومبتذل، ولا يستحق لا هو ولا صاحبه الإشادة أو المديح مهما علا شأنه، وفي حالة اكتشاف حقيقة هؤلاء لا يجوز السكوت أو غض الطرف عنهم، بل فضحهم ومحاكمتهم! والحقيقة فإن القبول أو الاتفاق على نسبة أفكار وإبداعات وكتابات الآخرين لشخص آخر مقابل المال هو سرقة، مهما حاول البعض تحسين صورتها!
لا شك تتذكرون الفيلم الأمريكي «عيون كبيرة» الذي يروي القصة الحقيقية للفنانة الأمريكية التشكيلية مارغريت كين، التي ذاع صيتها فترة الخمسينيات، وعرفت برسمها للوحات كل شخصياتها ذات عيون كبيرة بطريقة مبالغ فيها، لقد هربت هذه الفنانة من زوجها لولاية أخرى، وعملت رسامة على الأرصفة لتعيل نفسها وابنتها، برغم موهبتها اللافتة إلا أن الموقف التمييزي من المرأة في تلك الحقبة حرمها من حقها في التقدير والشهرة والثراء، حتى التقت بمحتال يدعى «وولتر كين»، أقنعها بالزواج وانتحل لوحاتها لنفسه ووقع اسمه عليها، فسرق فنها وجهدها وأموالها وسخرها لترسم له.
أما في السينما العربية، فهناك مئات الأفلام سرقها بلا خجل مخرجون وكتاب سيناريو لم يتعبوا تفكيرهم في أي شيء، بل انتحلوا تلك الأفلام ونسبوها إلى أنفسهم بمنتهى الفجاجة، محققين شهرة زائفة من تعب الآخرين وإبداعهم، ومقدمين لنا ممثلين راجت أسماؤهم عبر بوابة الزيف، والسينما العربية تزخر بالعديد من هؤلاء!
لقد سرقت أفلام من السينما الأمريكية والإيطالية والكورية وغيرها، وبنى ممثلون عرب وكتّاب سيناريو ومخرجون أمجادهم وثرواتهم على ذلك، وللأسف فإن الصحافة والنقاد لم يتحدثوا بالشجاعة المطلوبة، وكأن تلك السرقات أعمال مباحة!