قطر

“الفرنسية”: قطر سلكت طريقا محفوفا بالمخاطر نحو هدنة غزة

واجهت قطر انتقادات شديدة بسبب علاقاتها مع حركة المقاومة (حماس) خلال وساطتها الطويلة في حرب غزة، لكن بعد 15 شهرا -ووفق تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية- تستطيع الدوحة أن “تدفع ببراءتها” بعد الإعلان أخيرا عن اتفاق لوقف إطلاق النار.

وكانت الوساطة القطرية مشتركة مع مصر والولايات المتحدة، لكن قطر كانت محور تلك المفاوضات، إذ تستضيف المكتب السياسي لحماس، مما منحها وصولا فريدا للحركة الفلسطينية، لكن ذلك أجّج في الوقت نفسه اتهامات بأنها تدعم الحركة المسلحة، وهو ما نفته الدوحة على الدوام.

وخلال الوساطة تعرضت قطر لانتقادات من المشرعين الأميركيين والإسرائيليين ولحملة تشويه شملت تعليق لوحات إعلانية في تايمز سكوير بنيويورك.

لكن أول أمس الأربعاء، وبعد شهرين من تعليق دورها كوسيط وشكواها من “الابتزاز” أعلنت قطر عن هدنة لمدة 6 أسابيع وتبادل للمحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، أملا بوقف دائم لإطلاق النار.

ويقول أندرياس كريغ المتخصص في أمن الشرق الأوسط بجامعة كينغز كوليدج في لندن إن وساطة قطر “كانت دائما أداة من أدوات السياسة للحصول على الاهتمام والقبول عالميا، والأهم من ذلك في الولايات المتحدة”.

ويرى نيل كيليام الزميل المشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمركز تشاتام هاوس للأبحاث أن “قطر هي الوسيط الأكثر خبرة في المنطقة، وقد مرت بمراحل عدة للوصول إلى ما هي عليه الآن، لقد حققت نجاحات وتحملت إخفاقات، كما سعت إلى أداء دور أكثر قوة في المنطقة”.

لعبة توازن

ويشير كيليام إلى أن الوساطة بين إسرائيل وحماس تحمل أكثر من مجرد مخاطر تتعلق بسمعة قطر، مؤكدا أن العلاقات مع الولايات المتحدة كانت على المحك أيضا.

ويضيف لوكالة الصحافة الفرنسية أن “الخطر (كان) أن تحمّل الولايات المتحدة قطر المسؤولية عن فشل المفاوضات، وبالتالي تفقد الدوحة دورها بالنسبة لواشنطن كمحاور مهم”.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري إن بلاده الصغيرة والغنية اتخذت القرار الإستراتيجي للعب دور صانع الصفقات منذ عقود.

وأوضح الأنصاري أمام جمهور من طلاب الدراسات العليا في واشنطن في فبراير/شباط الماضي أنه “كان هناك سؤال حيال كيفية الحفاظ على أمننا القومي”.

وعلى مدى السنوات الـ30 الماضية كانت قطر الوسيط بين الأطراف المتحاربة في دارفور واليمن وأفغانستان، من بين أمور أخرى.

وقال الأنصاري إن النجاح يعتمد على القيام “بأشياء لن يفعلها الآخرون، وهذا يعني التحدث إلى أشخاص منبوذين من المجتمع الدولي”.

وحققت الوساطة القطرية المصرية الأميركية المشتركة بين حماس وإسرائيل انفراجة مبكرة مع وقف مؤقت لإطلاق النار وتبادل للرهائن والحتجزين في أواخر العام 2023.

لكن الإحباط تزايد مع فشل المحادثات في إحراز تقدم طوال العام الماضي.

 حملة تشويه

وفي أبريل/نيسان الماضي قالت قطر إنها تعيد تقييم دورها كوسيط بسبب عدم تحقيق تقدم في المفاوضات، وواجهت الدولة الخليجية دعوات من سياسيين أميركيين وإسرائيليين لممارسة الضغط على حماس.

ثم في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قالت قطر إنها قررت تعليق مشاركتها في المفاوضات، وأكدت أنها ستستأنف جهودها “عند توافر الجدية اللازمة لإنهاء الحرب”.

وفي ذلك الشهر وقّع 10 أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ -بينهم ماركو روبيو مرشح الرئيس المنتخب دونالد ترامب لمنصب وزير الخارجية- على رسالة تحض وزارة الخارجية على إنهاء سياستها المتمثلة في السماح لقطر بالتوسط.

 

وخلال العام الماضي كشف باحثون في حملات التضليل عن حملة عالمية تشوه سمعة قطر، منها إعلان مناهض للدولة الخليجية ظهر في تجمع أميركي لسياسيين محافظين حضره ترامب.

وقال الباحثون إن عشرات الصفحات على موقع فيسبوك استُخدمت لنشر أكثر من 900 إعلان مناهض لقطر، وقالت شركة ميتا المالكة للمنصة إن النشاط المنسق بدأ في فيتنام واستهدف الجماهير في جميع أنحاء العالم.

لكن وقف إطلاق النار في غزة -الذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ بعد غد الأحد- يشكل خبرا طيبا ثانيا لقطر بعد الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد عقب هجوم مباغت أطلقته فصائل المعارضة في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وسيطرت خلاله على مدن رئيسية وصولا إلى دخول دمشق فجر 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ولم تستأنف قطر علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا تحت حكم الأسد بعدما أغلقت بعثتها الدبلوماسية في دمشق واستدعت سفيرها في يوليو/تموز 2011، وذلك بعد أشهر من اندلاع حركة احتجاجية ضد الأسد تحولت إلى نزاع دامٍ بعدما واجهتها السلطات بالقمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى